Categories: Uncategorized

الفصل الثاني – أمواج التغيير و حياتك

سوف يتساءل الناس كثيراً حول ” كيف تبدو تلك الأمواج العظيمة ؟ وما الذي نتوقعه منها ؟ وما هي التحضيرات التي يجب أن نقوم بها حقاً وقدرة استعدادنا لها ؟ وهل ستكون عبارة عن وضع صعب ، أو أنها ستكون حالة فظيعة لا نقوى على تحملها ؟ ” . أما الأجوبة على تلك التساؤلات ، فإنها تعتمد على أشياء كثيرة ، تتلخص في قدرات استجابة الإنسان ودرجة تحمله للمسؤولية .

بالتأكيد ، سوف تتضاءل الموارد في العالم ، وسوف تكون هناك صعوبة كبيرة في تأمينها ، ولا سيما في البلدان الفقيرة ؛ حيث تتعاظم نسبة الفقراء من الذين لن يستطيعوا الحصول على تلك الموارد الضرورية للاستمرار في الحياة ، بالإضافة إلى أن مخاطر الصراعات والحروب على هذه الموارد – المتناقصة أصلاً. فإن الخطر سيكون كبيراً جداً . 

كيف ستكون استجابة الناس ؟ وهل ستقوم الإنسانية بتدمير نفسها خلال صراعاتها و معاركها حول من سيحصل على الموارد المتبقية ، أو أنها ستعي ما تقوم به ، وسيكون هناك قدر أكبر من الاتحاد والتعاون ؟ يبدو أن الإجابة على ذلك السؤال غير مؤكدة ، ولكن في كلتا الحالتين ، فإنك – كإنسان – سوف تتجه نحو زمن الصعوبات العظيمة .

 سيتغير المناخ حول العالم ، و ها هو ذا يصبح أكثر دفئاً في معظم الأماكن ، مساهماً في تناقص الإنتاج الغذائي ، وتناقص إمدادات المياه ، وخلق أزمات كبيرة في مناطق معينة من العالم . ولذلك ، فإن خطر انهيار المجتمع سيكون مهولاً ، وفي غاية الخطورة ، في ظل هذه الظروف ، بالإضافة إلى حقيقة أن معظم الناس إما أنهم لا يدركون ما هو قادم ، أو أنهم لا يعيرون أهمية تُذكر لذلك. وإن حصل ، فهم يمنحون اهتماماً طفيفاً جداً لذلك القلق العظيم .

 لقد تجاوزت الإنسانية حجم استهلاكها للإرث الطبيعي للموارد في الأرض ، وقد بالغت – إلى حد بعيد – في استغلال تلك الموارد التي ورثتها في العالم ، العالم الرائع والغني . وفي الحقيقة فإن الإنسانية لم تُخطط للمستقبل . كما لم تكبح جماح سلوكها ، ولذلك فقد أضاعت ذلك الإرث الطبيعي العظيم من خلال سيطرة الأطماع ، والصراعات ، ومن خلال سوء استخدام تلك الموارد الموروثة ، والفساد المستشري ، و ها هي ذي الآن ، ستقف لمواجهة سوء العواقب . وهكذا ، سيتوجب عليك أن تدفع ثمن الذنوب والخطايا التي ارتكبت في الماضي ، في حين سيتوجب على أطفالك دفع ثمن ذنوب وخطايا الحاضر . هذه الذنوب والخطايا هي أخطاء ، أخطاء أساسية ، وجوهرية ، وهي في بعض الحالات أخطاء هائلة للغاية . 

لذلك ، لا يمكن الهروب من كل هذا . كما لا يمكنك أن تنتقل إلى أي مكان آخر ، وأن تكون في مأمن من أمواج التغيير العظيمة . ولذا ، سيتوجب عليك العيش بشكل مختلف جداً ، إلا أن المعرفة المسكونة بداخلك فقط يمكنها أن ترشدك على وجه التحديد في هذه المسألة . اتباع ” التوصيات من أجل العيش في عالم أمواج المتغيرات العظيمة ” التي تم تضمينها في هذا الكتاب ” ، و الروح المتأصلة في داخلك ، بالإضافة إلى قوة علاقاتك مع الآخرين ،والشجاعة والموضوعية التي يمكنك أن تعالج بها ظروفك ، هي التي ستحدد المسار الذي يجب عليك اتباعه . ولذلك ، فإن كل شيء سيصيبه التغيير ، وسوف تكون هناك شكوك عظيمة . 

إن المكان الذي تعيش فيه ، وطريقة حياتك المعيشية ، وإرادتك في الحياة ، كلها ذات تأثير هائل على نوعية الظروف التي ستحتم عليك مواجهتها . ولذلك ، فإنه ، ومن أجل الحصول على أجوبة وتفسيرات لتلك الأسئلة الصعبة ، سيتوجب عليك البحث الحثيث من أجل الوصول إلى الروح بداخلك — العقل الأعمق في داخلك العقل الذي خلقه الله فيك . لكي تجاوب على هذه الأسئلة ، فإن الإجابة لن تكون بالضرورة تفسيراً ، ولكنها ستكون على شكل سلسلة من الخطوات ، خطوات يتوجب عليك القيام بتنفيذها ، وخطوة تلو خطوة . حيث إن التغيير العظيم يتطلب القيام بالانتقال خطوة بخطوة وبشكل تدريجي . إلا أن الاستثناء الوحيد لهذا الانتقال الرتيب إنما يتم في حالات الطوارئ القصوى ، كأن تكون في منزل يحترق ، أو على متن سفينة تغرق . ولكن فيما عدا تلك الحالات الطارئة القصوى ، فيتوجب عليك اتباع سلسلة من الإجراءات التي قد لا تحمل لك أي معنى على الإطلاق في اللحظة التي أنت فيها ، سلسلة من الإجراءات التي قد يعتبرها البعض الآخر غارقة في الغباء ، أو أنها بعيدة عن العقلانية . ولكن ، سيتوجب عليك اتباع سلسلة الإجراءات تلك .

  اسأل نفسك : ” أين يجب أن أعيش ؟ ” . كرر السؤال ، وسوف تبدأ الخطوات بالظهور ، إذا حدث هناك أي تغيير يتوجب عليك القيام به في هذا الصدد . ولذلك ، لا يمكنك أن تسأل مرة واحدة فقط ، وإنما عليك أن تسأل مراراً و تكراراً . كما يجب عليك أن تكون مع ذلك السؤال . يجب أن تعيش مع السؤال ، وأن تكون منفتحاً ، منفتحاً بحق إلى ما قد يُقدّم إليك ، لا سيما إذا كنت تشعر بالفعل بأن المكان الذي أنت فيه ليس مكاناً دائماً بالنسبة إليك ، أو أن ثمة قلقاً و شكوكاً حول قابلية البقاء في ذلك المكان ، كمكان للعيش في المستقبل . 

يجب أن تكون منفتحاً للغاية ، كما ترى ، لأن المعرفة لن تأخذك فقط إلى المكان الأكثر أماناً ، أو سهولة ، بل سترشدك إلى المكان ؛ حيث يمكن لنقاط القوة الأكبر الكامنة فيك أن تظهر ؛ وحيث يتحقق مصيرك ، وقدرك ؛ وحيث ستكون قادراً على مقابلة الأشخاص المهمين حقاً في حياتك ، و الانخراط في الأنشطة الهامة حقاً في حياتك .

 أن كل هذا ، يقع تماماً خارج نطاق مجرد ،  حياة أمنة و مؤمنة ، وهذا هو أحد الأسباب أن الناس لا يفهمون الجواب عندما يتم إعطاء ذلك الجواب . فهم لا يستطيعون فهم ، أو الثقة في الميول العميقة لديهم ، ذلك لأنهم يطرحون السؤال مصحوباً بوجود دافع خفي للحصول على الجواب الذي يريدونه كي يكون مزخرفاً و خصباً يوافق رغباتهم ، وأن يكون محمياً ، و ليحافظ على ما لديهم ، أو لأجل الحصول على أكثر من ذلك . ولكن ذلك في حقيقة الأمر ليس هو التركيز على الروح . إن الروح 

ستقدم لكم الحماية التي تحتاجون ، و ستحميكم هنا ، كما أنها أيضاً سوف توفر لكم الأمان ، و ستحفظكم من أجل هدف أعظم . 

بنظرة معينة ، إن أمواج التغيير العظيمة ستقدم البيئة المثلى للروح لتندمج ، لأنه ، في الحقيقة ، لن يكون هناك مكان آمن بالنسبة لك ، ولن يكون هناك مكان ممكن أن يوفر لكم حماية و أمناً ؛ حيث يمكنكم الاستمتاع بأنواع الفوائد والمنافع التي كنتم تستمتعون بها في الماضي ، والتي كانت تمنحكم الشعور بالأمان ؛ حيث كنتم بعيدين عن كثير من الصعوبات التي ستنشأ من حولكم. 

 إن نجاتكم الشخصية ليست هي القضية هنا ، إنما هو الوفاء لمهمتكم الأعظم ، أنتم أخترتوا أن تأتوا إلى هذا العالم في الزمن الذي تتأهب فيه أمواج التغيير العظيمة لتضرب العالم. لقد أتيتم في زمن يتحتم على الإنسانية فيه أن تواجه وتتعامل مع التنافس القادم من المجتمع الأعظم ، ومع القوى الغازية من الكون الذي هو حولكم . لقد أتيتم في زمن تسود فيه صعوبات كبيرة ، وحالات عظيمة من عدم اليقين ، زمن تفعل فيه الفتنة فعلها المدمر ، وتتعاظم فيها مخاطر الحروب . لذلك ، لا يجب أن تكونوا في موقع الشكوى ، ولا أن تقفوا موقف النفي أو الاستنكار أو إدانة  الظروف العالمية ، والتي ، في الواقع ، تمتلك أكبر إمكانية تحقيق خلاصكم هنا . 

إن علاقاتكم العظيمة لن تأتي إليكم ، فيما أنتم مختبئون في مكان ما و تتظاهرون بأنكم سعداء وآمنين ، ومحاطين بكل ممتلكاتكم غير الضرورية ، ومنخرطين في المشاركة في أنشطة بسيطة ، وغير ضارة ، بل و حمقاء أيضاً . ولذلك ، فإن تلك العلاقات العظيمة لن تأتي إليكم في ظل هذه الظروف ، إنما سيكون لديكم مجرد صداقات عارضة ومحدودة ، ومع أناس يشاركونكم هواياتكم ليس إلا ، أو مع أناس يريدون استغلالكم أو مشاركتكم في ثرواتكم التي قد تمتلكونها. مهما كانت .

 العلاقات العظيمة ، فسوف تأتي في مواجهة التغيير العظيم والصعوبات ، ذلك لكونها في هذه البيئة ؛ حيث تكون الطبيعة الأعمق هي الطبيعة الأصدق للناس ، والتي تصبح واضحة بشكل جلي ؛ وحيث يتحتم على الناس حينذاك اختيار الولاء الأعظم في نفوسهم ، والولاء الأعظم حيال الآخرين . وهذا هو المكان الذي تصبح فيه العلاقات العظيمة واضحة ومعروفة ، و مغروسة ، و مُمتحنة . فلا مكان أكثر للحماقة ، ولا يُسمح للرومانسيات هنا . ولا مزيد من إضاعة وقتكم في محاولة الحصول على المتعة اللانهائية مع شخص ما ، عندما ، في الواقع ، لن يكون هناك مكان للذهاب معاً ، وليس هناك أيما عمل مهم تفعلونه حقاً . ولا مزيد من إضاعة حياتكم في مطاردة الجمال ، والسحر ، والثروة ؛ ووجود أوهام حول أنفسكم وعن الآخرين . وفي محاولات لكي تظهروا بحالة جيدة ، لتكونوا مقبولين ، وربما تُهينون أنفسكم بكل وسيلة ممكنة لكسب ، أو جذب ، أو إعجاب شخص ما . عليك أن تكون على استعداد للقيام بفعل مؤثر ، وقد تضطر للعمل بشكل منفرد إلا أنه سيكون هناك القليل من الوقت لمثل هذه الأمور الآن.  

 بالرغم أن هذه الأوقات هي أوقات بالغة  الخطورة . إلا و أنها توفر البيئة المثلى بالنسبة إليك الاكتشاف أعظم نقاط القوة فيك ، وسيكون معها مجموعة من العلاقات الكبيرة . هذا هو المكان ؛ حيث يمكن أن ينشأ فيه الهدف الأعظم والمعنى الحقيقي لحياتك ، إذا ما استطعت أن تفهم موقفك بشكل صحيح ، وإذا كنت قد استطعت أن تتعلم كيف يمكنك الغوص في أعماق طبيعتك والاعتماد عليها بشكل متزايد . 

هنا ، يجب عليك أن تستجيب ، حين لا يستجيب الآخرون . كما يجب عليك اتخاذ الاحتياطات اللازمة ، عندما لا يفعل الآخرون ذلك . يجب عليك أن تقوم بتغيير ظروفك ، عندما يظهر لك بأنه لا يوجد هناك سبب مباشر لفعل ذلك . يجب عليك أن تتبع الإلحاح الداخلي والاتجاه الداخلي فيك ، دونما أن تعي حقاً ما يحدث ، وكيف سيبدو مستقبلك ، أو كيف ستكون النتيجة . إذا لم تكن لديك القوة أو الشجاعة للقيام بذلك ، فأنت ستبقى واقفاً حيث أنت ، ولكنك ستصبح خاضعاً لحالة متزايدة من القلق والارتباك ، ثم ستتطور تلك الحالة إلى أن تصاب بالإحباط والقهر إلى أن تقذفك الظروف بعيداً لتوقع بك و تتأكل حياتك ، ولتصبح كشخص يقف على جزيرة تتقلص ببطء ، أو كشخص يجلس في قارب تغمره المياه رويدا رويدا . 

عليك أن تكون على استعداد للقيام بفعل مؤثر ، وقد تضطر للعمل بشكل منفرد . ولا يغرنك وجود من حولك ، فليس كل من هو معك الآن – كأصدقائك ، أو حتى عائلتك – قد يكونون بالضرورة قادرين على الاستجابة إلى أمواج التغيير العظيمة ، أو إلى قوة الروح الكامنة فيهم . فالشعور بالقلق فقط ليس كافياً . كما أن مجرد الإحساس بالمشكلة ليست كافياً أيضاً . لذلك ، يجب أن تكون على استعداد للتصرف . ولكن بهدوء ، ودونما استعجال ، ومن دون إلزام ، ومن دون وجود حالة من الذعر – ولكن بتنفيذ الخطوات لإستعدادك . 

قدمت الرسالة الجديدة برنامج الخطوات إلى الروح، بحيث يمكنك أن تبدأ ببناء هذا التواصل الأعمق نحو الروح ، وهو الاتصال الذي سوف تحتاج الاعتماد عليه – على نحو متزايد – في المستقبل حين تصبح جميع المصادر الأخرى لليقين محط تحد ، ومفاجأة ، وفي حالة صراع أيضاً . 

فإلى أين ستتجه ؟ وإلى من ستتجه في أوقات التغيير العظيم وعدم اليقين ؟ إلى حكومتك ؟ أو أصدقائك ؟ أو عائلتك ؟ أو دينك ؟ ولكن في حال أنك لم تجد أي يقين أو الوضوح هناك ، فهل ستهرب إلى ممارسة هواياتك أو أوهامك ، أو حتى شغفك وعواطفك ؟ وفي الحقيقة ، فإن هذا هو السؤال المهم ، هل ترى ذلك؟ . 

 لقد وهبك الله الروح لكي يهديك ، ويحميك ، ولكي يقودك إلى تحقيق إنجاز أعظم في العالم كما هو . لذلك ، عليك أن لا تسأل الله أي شيء أكثر . فإذا لم يكن باستطاعتك تلقي هذه الهبة الكبيرة – وهي الهدية التي تفوق كل تقديراتك ، الهدية التي من شأنها أن تخدمك كل يوم ، وفي كل ظرف – إذا لم يكن بإمكانك الحصول على ذلك ، لن تثق بهذا الشئ ، وإذا لم تتبع ما وهبك الله إياه ، فلا ينبغي لك أن تسأل عن المعجزات . من الممكن أن تسأل ، ولكنك سيتوجب عليك بأن تعتمد على ما أعطاه الله لك . لقد خلقتم عالماً حيث سيكون وجود كل هذا ضرورياً وعلى نحو متزايد ، عالم من الخيال و التكهنات و الافتراضات ، والذي سيكون من الصعب إنشاؤه والإبقاء عليه وصيانته .

 ستصبح الأوقات أكثر صعوبة ، وسيصبح الناس أكثر فقراً . وسيصبح كل شيء باهظ الثمن وأغلى كلفة ، وستكون الأشياء في بعض الحالات غير متوفرة . فكيف ستتصرّف وتحيا في بيئة كهذه ؟ ستُحتم عليك تلك الظروف لكي تتحول إلى الملذات البسيطة – وإلى متعة اللحظة – وجمال الطبيعة ، والتواصل مع أشخاص آخرين بطريقة أكثر تميزاً ، وتتمتع بأشياء بسيطة جداً . كما أن العلاقات ستكون بسيطة وصادقة الآن . ورغم أن كثيراً من الناس سوف يستخدمون وسائل الخداع لكسب بعض الميزات على الآخرين ، إلا أن العلاقات يجب أن تصبح في غاية البساطة ، ومباشرة وصادقة .

 بهذا الطريق ، فإن حياتك يجب أن تصبح أصلية ، وأكثر صحة ، وأكثر توازناً ، عوضاً عن السعي إلى تحقيق نزواتك ، واحتياجاتك الخاصة ، وتوقعاتك ، وتوقعات الآخرين ، ذلك لكون هذا السعي ، سيجعل حياتك يائسة ، وخالية من السعادة ؛ حيث ستفقد الإحساس بنفسك ، أو إلى أين أنت ذاهب ، أو ما كنت عليه حقاً .

 إنه حتى في مواجهة أمواج التغيير العظيمة ، وحتى في مواجهة أخطار التدخل و المنافسة من وراء العالم ، فلديك فرصة لتحقيق النظام في حياتك ، ولإقامة مجموعة حقيقية من الأولويات ، وإيقاف هدر وقتك وطاقتك وإمكانيات حياتك على الأشياء التي ليس لها معنى أو قيمة أو هدف . لديك الفرصة لتصبح قوياً ، و متكاملاً و متوازناً ، و شجاعاً ، و موضوعياً ، و رؤوفاً ، في حين كنت قبل ذلك مجرد مدمن لثقافتك ، محاولاً أن تستحوذ ، أو تفعل أشياء لم تكن ضرورية لطبيعتك أو للهدف الأعظم لوجودك هنا في الحياة .

 هنا في هذه المرحلة ، تصبح علاقتك مع نفسك أكثر حسماً ، بل تصبح جوهرية ، وعملية ، وغامضة . فمهما كانت الصعوبات التي واجهتها في الماضي قوية ، ومهما كانت العيوب السابقة ، ومهما سببت لك الصدمات من نتائج ، سوف تشغلك حاجة اللحظة ، والحاجة للاستعداد للمستقبل . وفي الحقيقة ، فإن هذا هو الترياق المثالي لشفاء هواجس الذات والأمراض العقلية ، وإلى ضعف الصحة العقلية و الافتقار العاطفي . وهكذا ، يتوجب عليك الآن أن تقوم بأفعال لم تكن تفعلها على الإطلاق ، وأن تتعلم أشياء لم يكن عليك أن تتعلمها ، وذلك من أجل أن تصبح مُطلَعاً ذا حيلة. 

لا تنظر إلى المستقبل ، أو تفكر ، أو تقلق بشأن ما يمكن أن تخسره . عليك أن تدرك أن المستقبل يمتلك القدرة لرفعك عالياً ، و ليمنحك العودة إلى نفسك ، و ليعيد إليك الهدف الحقيقي لمجيئك إلى هذا العالم ، وكذلك ليعيد إليك قدراتك الحقيقية . ولكن ، عليك الوصول إلى الروح ، ذلك لأن الروح فقط هي التي تعرف حقيقتك ، ومن أنت ، ولماذا أنت هنا ، وكيف ستكون قادراً على الإبحار في الأوقات العصيبة القادمة .

 أما إذا كنت تستطيع أن تتحضر مقدماً ، وأن تُعدّ نفسك للمواجهة ، فسوف تكون في موقف يسمح لك بمساعدة الآخرين . أما إذا كنت تنتظر ، فإن التغيير الذي يتحتم عليك أن تفعله سيكون يائساً ، و مكلفاً ، و محفوفاً بالمخاطر . وإذا ما فكرت في إيقاف فعل التغيير ، أو تساءلت حول ماهية نفعه ، أو شككت فيه ، أو إذا اعتقدت بعدم جدواه ، وأنه ليس مهماً ، فإنك تكون بذلك قد وضعت نفسك في خطر مُحدق ، وستتضاءل فرص نجاحك نتيجة لذلك .

 فهذه المسألة ليست مدعاة للخمول . كما أنها ليست مجرد تكهنات . فالرسالة الجديدة تخبرك بما هو آت ، و تحذرك أيضاً مما هو أت . إنها رسالة تسعى إلى إعداد و تحضيرك ، لكن الأمر لا يزال متروكاً لك للاستجابة ، ولتكن مسؤولاً ، و قادراً على الاستجابة و لتتعلم كيف تتبعها وتنفذها خطوة بخطوة ، وكذلك الأمور التي يتوجب عليك القيام بها بعزم وشجاعة . 

إن الوقت هو المهم الآن . فلا وقت لديك للمعاناة . ليس وقت لديك الآن للتشتت ، أو حمل الأشياء بعيداً ، أو محاصرتك ضمن ظروف حياتك . لا يوجد وقت لذلك الآن . يجب أن تأخذ حياتك على محمل الجد . يجب عليك إيلاء الاهتمام لعلامات العالم التي تخبرك بأن التغيير العظيم قادم . يجب أن تتعلم الاستماع إلى حركة الروح وإلحاح الروح داخل نفسك . 

كما أن دراستك لبرنامج الخطوات إلى الروح ستعلمك كيفية قراءة الإشارات القادمة من العالم ، وعلامات الروح ، ولهذا فهو نوع مختلف جداً من التعليم ، على عكس أي شيء يستطيع العالم نفسه بتقديمه لك . فهذا التعليم هو تعليم بلا خيال ، وبدون تحيز ، ومن دون وجهة نظر مثالية للمستقبل ، ومن دون تهاون الإنسان والفساد البشري . إنه تعليم نقي وقوي ، ولذلك ، عليك أن تكون قوياً للمشاركة فيه ، وسوف يمنحك قوته ، لأنه في الواقع كذلك .

 ستكون هناك حاجة إنسانية كبيرة في المستقبل ، فالعديد من الأشخاص سيعانون من نقص الغذاء ، ولن يكون لديهم ما يكفي من غذاء أو مأوى ، كما ستجتاح الاضطرابات المدن الكبرى والمجتمعات الصغيرة على حد سواء . ولذلك ، يجب أن تكون قوياً بما يكفي ، ليس فقط للحصول على موقف أمن لتُحصّن نفسك ، وإنما من أجل مساعدة الآخرين ، وخاصة كبار السن والشباب .

سيفقد الكثيرون حياتهم بسبب الصراعات والحرمان . وسيعتمد هذا على ما إذا كانت الدول والثقافات قد اختارت التشارك في موارد العالم ، أو في محاولة الحصول على تلك الموارد والاحتفاظ بها لنفسها .

 ولذلك ، فإن مجموعة من النتائج والمخرجات قد تتدرج هنا ، بدءاً من المستوى الصعب وحتى المستوى المرعب . إلا أن الأمر لن يكون متروكاً لك لتحدد النتيجة أو المخرج . سيكون الأمر متروكاً لك لكي تكون على استعداد للمستقبل والعيش بشكل كامل في اللحظة – وبعينين مفتوحتين على آخرهما ، مع إيلاء الاهتمام التام ، وأن تتحمل المسؤولية التامة في تدريب نفسك بشكل مناسب . وهكذا ، فإنك لست بحاجة إلى قراءة الكثير من الكتب الآن ، ولست بحاجة إلى الذهاب لرؤية الأفلام ، ولا تحتاج للمشاركة في المحادثات التي لا نهاية لها ولا طائل منها مع الناس . كما أنك لست بحاجة إلى أن تزج نفسك في ممارسة الهوايات والاهتمامات الأخرى . بيد أن كل ما أنت بحاجة إليه فقط ما هو ضروري وذو مغزى عميق بالنسبة إليك ، وهذا ما يجب التركيز عليه . 

لديك أربعة أركان في حياتك ، وهي أشبه بالقوائم الأربع للطاولة ، وهذه الأركان الأربعة هي التي تمسك بحياتك . ولذلك ، فكر بحياتك إذاً من حيث هذه الأركان الأربعة على أساس ركن من العلاقات ، وركن من الصحة ، وركن من العمل ، وركن للتنمية الروحية . ولذلك ، فإن حياتك ستكون قوية فقط كقوة أضعف ركن ، القائمة الأضعف من قوائم الطاولة . إلى أي مدى يمكنك أن ترى ، و إلى أي مدى يمكنك الاطلاع والمعرفة ، وإلى أي مدى تستطيع أن تكون فاعلاً بإرادة الاعتماد على قوة هذه الركائز .

 معظم الأركان في حياة الناس قد تم بناؤها بالكاد ، لأنهم ، ربما وضعوا كلما لديهم في التركيز على مجال واحد . وقد ركزوا طيلة حياتهم على العلاقات ، أو أنهم قد ركزوا في جل حياتهم على عملهم وحياتهم المهنية ، أو أن الهاجس الصحي قد استحوذ على حياتهم ، وهيمن على كل ما يقومون به . أو لربما هربوا وحاولوا أن يزجوا بأنفسهم في الممارسات الدينية ، ومعتقداتهم الروحية ، بينما سمحوا لما تبقى من حياتهم لتكون متخلفة وبعيدة عن التطور ، وعن التوازن على حد سواء . 

هنالك عدد من الناس من الذين استطاعوا بناء اثنين من تلك الأركان ، ولكن هناك قلة قليلة جداً من الناس قد استطاعوا بناء الأركان الأربعة بشكل كاف لحياتهم . والقيام بذلك إنما هو الترياق المثالي لمنع الانحراف والتطرف . ولأنه إذا كنت قد استطعت حقاً بناء وصيانة الأركان الأربعة لحياتك ، فإنك لن تكون متطرفاً أو غريب الأطوار في أية منطقة . كما لا يمكنك أن تكون متطرفاً أو شاذاً ، ولا يمكن أن تكون مدمناً ، لأنك سوف تكون مشغولاً للغاية بالاعتناء ورعاية الأركان الأساسية لحياتك ، كما سوف لن يكون الديك الوقت للقيام بحماقات ، أو سلوكيات التدمير الذاتي . ويا لها من نعمة في أن تكون لذلك نتائج عميقة ، ما يتيح لك حياة قوية ، ومجموعة واسعة من القدرات والكفاءة في كل جانب من جوانب حياتك .

 يجب أن يتضمن الركن الخاص بالعلاقات الناس القادرين على الاستجابة الأمواج التغيير العظيمة ، أناس لا يعملون أو يتصرفون بالخوف والقلق ، ولكن باليقين ، والقناعة ، والرغبة في دعم ومساعدة العالم . 

 يجب على الركن الخاص بالعمل في حياتك أن يمثل عملاً ذا طبيعة مستدامة في المستقبل – عمل يوفر السلع أو الخدمات الحقيقية للناس ، عمل يجعلك منخرطاً وبشكل هادف مع الآخرين ، وهو عمل يمكن على الأقل أن يوفر ما لا يقل عن أساسيات ما تحتاجه للعيش في العالم .

أما في الركن الخاص بالصحة ، فإن جسمك وعقلك يجب أن يعملا كمركبة لأجل الروح ، حيث يخدم الجسم العقل ، والعقل بدوره يخدم الروح ، وذلك في صحيح التسلسل الهرمي لكيانك . ولذلك فإنه لا داع لأن تكون جميل المحيا أو رياضياً ، أو حتى رائعاً تحت أي اعتبار ، ما عليك هو أن تكون فاعلاً ليس إلا ، وتتمتع بصحة وافرة ، وصحتك النفسية جيدة ، وكذلك الصحة العقلية ، والصدق مع الذات ، والصدق مع الآخرين ، والقدرة على التقدير والاستمتاع باللحظة ، والقدرة على التعرف على والاستعداد للمستقبل ، والقدرة على التواصل مع الروح ، والتي يجب أن يكون لها أساس حقيقي في حياتك ، والقدرة على الحصول على متعة بسيطة ومجزية ، وعلى التعبير الفني ، وهذا كله هو ما يمثل ركيزة الصحة . 

أما ركن التنمية الروحية ، فهو في الأساس يتمحور حول اتصالك بالروح ، وبناء هذا الاتصال ، ومن ثم بالاعتماد على هذا الاتصال ،  تعلم الحكمة لكي يتم نقلها إلى العالم ، وكذلك تعلم كيفية تطبيق الحكمة ، و استيعابها ، وتمييز قوة الروح عن سائر الدوافع أو التأثيرات في عقلك . وهكذا ، فإنه ، ومهما كانت الممارسة الروحية ، وأياً كان الإيمان الديني الذي قد تعتنقه ، أو حتى إذا لم يكن لديك الإيمان الديني الذي يمكنك تحديده ، فإن اتصالك بالروح هو الذي يوصلك إلى ما منحك الله إياه لحمايتك وحفظك ، و إرشادك ، وقيادتك نحو مزيد من الوفاء وخدمة العالم . وهذا هو الركن الخاص من التنمية الروحية .

 أنت بحاجة إلى بناء هذه الأركان الأربعة ، وهي ضرورية جداً من أجل المستقبل ، و للأوقات القادمة الصعبة و الغير المستقرة . وهكذا ، فكلما كان أساسك أقوى ، كنت أفضل تجهيزاً للصمود في وجه العواصف في العالم ، والتعامل مع الفوضى المتعاظمة ، والارتباك والكرب والغضب المتزايد من حولك . ولذلك فإنك سوف تحتاج إلى معرفة إلى أين أنت ذاهب ، وما الذي يتوجب عليك فعله ، وما عليك قوله ، وأين يمكنك أن تقدم نفسك ، وأين عليك أن أن لا ترتبط ، وما الذي يمكنك أن تُقحم نفسك فيه ، أو متى تتحفظ على كلامك ، وأين يتوجب عليك التزام الصمت ، وأين يمكنك أن تسافر ، أو أين عليك أن لا تسافر . 

يجب أن يكون لديك هذا الأساس ، وإلا فإن أمواج التغيير العظيمة ستقذف بك بعيداً وسوف تشعر بالإرهاق . وسوف تصبح حياتك بلا إدراك ، وسوف تُترك معوزاً ، و خاضعاً لتأثيرات مظلمة في العالم ، وحتى من خارج العالم . ومرة أخرى ، فإن صعوبة الأوقات هي فرصة مثالية لتتمكن من التواصل مع حياتك ، وبناء أركانها الأربعة ، وإعادة تأسيس نزاهتك ، ولاتخاذ إجراءات حازمة وتعلم أن تكون شجاعاً و موضوعياً.

 إن الأمر هنا ليس حول التصور أو الإدراك الحسي والقدرة على الفهم ، سواء كنت مُحبّاً و ودوداً ، أو بشعاً و مخيفاً ، لأن الأمر هنا يتمحور حول ما إذا كنت حكيماً أم لا ، وسواء كنت مسؤولاً أم غير مسؤول . لذلك لا تحمل نفسك أكثر من قدرتها ، ولا تتشتت بعيداً ، بأن تفكر بأن كل ذلك يتعلق بالتصوّر الحسي والقدرة على الفهم . أمواج التغيير العظيمة أقوى بكثير مما أنت عليه ، ولن يكون بمقدورك تغييرها عن طريق إثباتاتك أو تصريحاتك . ولكن يمكنكم أن تتعلموا التخفيف منها ، ومن ثم التكيّف معها من أجل استخدامها لصالحكم ، واستخدامها لتقديم المساعدة للآخرين على حد سواء . 

إن حاجة البشر من حولك ستكون هائلة ، بل وأكبر من أية حرب عالمية ، ولذلك ، عليك أن تكون على استعداد لرعاية الناس ، وربما لمساعدة أناس قد لا تعرفهم ، وكذلك لمساعدة آخرين في السبل التي من شأنها أن تكون جديدة وغير متوقعة . سيكون هناك نقص عظيم في الغذاء وفي بعض الأماكن سيكون هناك نقص عظيم في المياه ، في حين أن مصادر الطاقة الخاصة بك سوف تصبح من الموارد الثمينة ، بل وباهظة الكلفة ، ومن الصعب الحصول عليها . كما سيكون هناك عدم استقرار سياسي واقتصادي ،وسوف تنتشر الكثير من الاضطرابات المدنية في العديد من الأماكن في العالم .

  لقد أتيت لخدمة العالم الذي يمر بمرحلة انتقالية ، عالم من شأنه أن يسعى ليتحد في العديد من الطرق ، وذلك من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة البشرية ، عالم من شأنه أن يُعدّ نفسه لكي يستطيع أن يتعامل مع التدخلات الصعبة من الأجناس التي تعيش في الكون ، و الذين يتربصون هنا للاستحواذ عليه مستغلين ضعف وتقسم الإنسانية .

 فإن هذا هو الوقت الأهم بالنسبة إلى الإنسانية ، والتحدي الأكبر ، والخطر الأعظم ، كما أن فيه الفرصة الأهم للوحدة والتعاون ؛ حيث تندمج الموارد البشرية مع المواهب العظيمة للإنسانية من أجل الحفاظ على الحضارة ، ومن أجل استعادة العالم ، ومن أجل التحضير لمستقبلك ، ومصيرك ، ضمن مجتمع أكبر وحياة ذكية في هذا الكون . 

سيكون عليك اتخاذ منحى مختلف جداً مع العالم ، ونهج مختلف . سيتوجب عليك أن تتعلم كيفية القيام بذلك ، وأن تسعى لاكتساب القوة ، وبسرعة ، لأن الوقت هنا هو جوهر المسألة الآن . وعليك أن تعلم بأن كل شهر ، وكل عام ، هو وقت حاسم في تحديد ما إذا كنت قد أصبحت أقوى أو أضعف ،  و أكثر استعداداً أو أقل استعداداً ، وأكثر اهتماماً أو أقل تأكيداً ، وأكثر تواصلاً مع الآخرين بطريقة مجدية أو يتواصل أقل .

 إن وعي وإدراك أمواج التغيير العظيمة إنما هي رسالة من الله العظيم من أجلك ، وهدية عظيمة لك ، وأنت محظوظ للغاية لقراءة هذه الكلمات . ذلك هو الحب العظيم الذي يحذرك ، ويقدم للعالم هذه النعمة ، وهذا التحضير . إنه حب مطلق لكل البشرية ، حب يقدم الإمكانيات للإنسانية ، حب يعبر عن القلق والاهتمام بالإنسانية ، حب يوفر للإنسانية ما تحتاج إليه ، وما يجب عليها أن ترى ، وتعي ، وتسعى إليه ، من أجل التحضير للعيش في عالم سيكون متغيراً جذرياً ، وكذلك للتحضير لمستقبلك ضمن المجتمع الأعظم ، والذي يُمثل قدرك الأكبر الآن .

  أستقبل هذا الوعي ، هذا الإدراك ، وهذا التحذير ، كهدية من الحب الأعظم والمطلق ، لأنه هو الحب المطلق . تقبله كتأكيد على ما تعرفه في أعماق ذاتك ، لأنه كذلك . تقبله كهدية من الحب والاحترام لإنها كذلك ، واتبعها بأفضل قدراتك ، لأنك بذلك إنما تُعبّر عن تكريم علاقتك مع الله . وهذه 

هي الطريقة التي سوف ترشدك لكي تحقق الهدف العظيم الذي جئت من أجله إلى العالم في هذا الزمن .

Mathieu

Recent Posts

تعميق ممارستك الروحية

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في الأول من نوفمبر من عام ٢٠٠٨…

4 سنوات ago

الخلوة الروحية

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في التاسع من سبتمبر من عام ٢٠٠٩…

4 سنوات ago

فن الإبصار

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في الحادي عشر من أبريل من عام…

4 سنوات ago

البهجة و الإمتنان

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في الواحد و الثلاثون من يناير من…

4 سنوات ago

برج المراقبة

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في السابع عشر من فبراير من عام…

4 سنوات ago

ماالذي سينقذ البشرية؟

كما أوحي إلى رسول الرب مارشال ڤيان سمرز في الثلاثون من مارس من عام ٢٠٠٨…

4 سنوات ago